منصب شيخ الجامع الأزهر يرجع تاريخه لسنة 1101 هجرية ــ1690 ميلادية عندما
انتخب الشيخ محمد بن عبد الله الخرشي شيخاً للأزهر ، وذلك في ظل الحكم
العثماني لمصر ، وكان العثمانيون يجلون هذا المنصب بشدة ويعدونه مع شيخ
الإسلام وهو مفتي الدولة من أرفع المناصب العلمية والدينية في أرجاء الدولة
الواسعة ، وكان العثمانيون لا يفرضون عالماً عثمانياً علي هذا المنصب بل
يجعلوه قاصراً علي الأزاهرة بحيث ينتخب من بينهم فقط ، كما كان شيخ الأزهر
في عهدهم عضواً في الهيئة الحاكمة للبلاد المصرية ، ويرجع إلي رأيه في
النوازل العامة للدولة العثمانية ، وكان علماء الأزهر إذا انتخبوا شيخهم
أبقوه في منصبه حتى الوفاة ، ولو أصابته آفة أو علة مانعة ، استناب عنه من
يباشر مهامه حتى الشفاء أو الوفاة ، دون عزل أو إقالة .
وكان محمد علي أول من خرق ناموس الانتخاب للمشيخة عندما أقدم علي تعيين
الشيخ محمد الشنواني علي الرغم من اتفاق علماء الأزهر علي انتخاب الشيخ
محمد المهدي ، ثم كان حفيده الخديوي إسماعيل الذي كان أول من عزل شيخاً
للأزهر وهو الشيخ مصطفي العروسي بسبب انتقاده للتبذير الشديد للخديوي
واستدانته من المرابين اليهود مما سمح بالتدخل الأجنبي في مصر
ظل منصب المشيخة محتفظا بوقاره واستقلاليته حتى جاءت الثورة وقررت تحجيم
دور الأزهر بشتى الطرق ، فسنت قانوناً يحد كثيراً جداً من سلطات شيخ الأزهر
ونفوذه ، وهو قانون رقم 103 لسنة 1961 ، وفيه تم إلغاء هيئة كبار العلماء
التي كانت تتولي تسير أمور الأزهر وتنتخب شيوخه ، وحل محلها مجمع البحوث
الإسلامية ، وفيه أيضا تم إقرار اختيار شيخ الأزهر بالتعيين لا بالانتخاب ،
وتعيين وزيراً لشئون الأزهر يجمع كل السلطات الفعلية في يديه ، مما أدي
لاندلاع خلاف كبير بين شيخ الأزهر وقتها الشيخ محمود شلتوت وبين الحكم
الناصري ، وظل الخلاف قائماً حتى تم إلغاء منصب وزير الأزهر في عهد الشيخ
عبد الحليم محمود سنة 1975 ، فعادت بعض صلاحيات الشيخ إلي مكانها ، ولكن ظل
المنصب تم اختياره بالتعيين من قبل السلطة السياسية مما جعل المنصب شرفياً
إلي حد كبير .